مصر تضع «خطوطاً حمراء» في السودان: لماذا لوحت القاهرة بالخيار العسكري الآن؟

حددت الدولة المصرية موقفاً حاسماً تجاه الأزمة السودانية بربط أمنها القومي مباشرة بوحدة السودان وسلامة مؤسساته الوطنية، ملوحة باللجوء إلى الخيار العسكري وفق اتفاقية الدفاع المشترك في حال تجاوز «الخطوط الحمراء» المتمثلة في تقسيم البلاد أو تقويض جيشها. جاء هذا التحول الاستراتيجي خلال استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 18 ديسمبر 2025، ليعلن انتقال القاهرة من مرحلة الوساطة الدبلوماسية إلى مرحلة الحماية المباشرة لمصالحها الحيوية.

دلالات التوقيت والتحذير المصري من تقسيم السودان

يأتي هذا التصعيد المصري في وقت حساس يواجه فيه السودان مخاطر التفتت مع تصاعد العمليات العسكرية في مناطق استراتيجية مثل الفاشر وشرق السودان، وهو ما تعتبره القاهرة تهديداً مباشراً لحدودها الجنوبية ومصالحها في البحر الأحمر. إن التلويح بالتدخل العسكري ليس مجرد رسالة للقوى الداخلية السودانية، بل هو تحذير للأطراف الإقليمية التي قد تسعى لاستغلال الفراغ الأمني، خاصة مع تداخل ملف الأمن المائي في حوض النيل والتوترات المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، حيث ترى مصر في استقرار مؤسسات الدولة السودانية حائط صد أساسي ضد الإجراءات الأحادية في النيل الأزرق.

تضمنت المباحثات الموسعة بين الوفدين المصري والسوداني في القاهرة تأكيداً على رفض أي مساس بمقدرات الشعب السوداني، مع التشديد على محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين. وتنظر القيادة المصرية إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان بصفته ممثلاً لشرعية الدولة وجيشها القومي، مفضلة التعامل مع المؤسسات الرسمية بدلاً من الفاعلين غير الدوليين أو الميليشيات المسلحة التي قد يؤدي تمددها نحو بورتسودان أو الشمال إلى تدفق موجات نزوح غير مسبوقة وتزايد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود المشتركة.

الأمن المائي والتحالف الاستراتيجي بين القاهرة والخرطوم

على الرغم من قوة اللهجة العسكرية، تظل الأولوية المصرية مرتبطة بالتسوية السلمية عبر الآليات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن، معتبرة أن التدخل المباشر هو الملاذ الأخير لحماية الأمن المائي والحدودي. إن التنسيق المشترك بين القاهرة والخرطوم في منطقة القرن الأفريقي يعكس تطابق الرؤى حول حماية السيادة الوطنية، وهو ما يضع أي محاولة لتقسيم السودان في مواجهة مباشرة مع القدرات الدفاعية المصرية التي باتت جاهزة لدعم الجيش السوداني لوجستياً وعسكرياً لمنع انهيار الدولة.

المحور الاستراتيجيتفاصيل الموقف المصري المعلن
الخطوط الحمراءوحدة السودان، سلامة أراضيه، ومنع تقويض مؤسسات الدولة الرسمية.
السند القانونياتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان وقواعد القانون الدولي.
الأهداف الأمنيةحماية الأمن المائي، تأمين الحدود الجنوبية، ومنع تمدد الميليشيات شرقاً وشمالاً.
الموقف من الأزمةدعم الجيش السوداني بقيادة البرهان ورفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل.

تدرك القاهرة أن استمرار النزاع في السودان لم يعد مجرد شأن داخلي لجارة شقيقة، بل تحول إلى تهديد وجودي يتطلب استعراض القوة لضمان عدم المساس بالمنشآت الحيوية أو تغيير الخارطة السياسية بما يضر بمصالح دول حوض النيل. هذا الموقف يمنح الجيش السوداني غطاءً إقليمياً قوياً، لكنه يضع المنطقة أمام توازنات جديدة قد تفرض واقعاً مختلفاً إذا ما استمرت الأطراف المتنازعة في تجاوز التحذيرات المصرية الصريحة.