«التزاماً بالتوسع» رئيس “أبل” يعلن عن تعزيز استثمارات الشركة في الصين

تعهد الرئيس التنفيذي لشركة “أبل”، تيم كوك، بتعزيز استثمارات الشركة في الصين، مؤكدًا التزامها تجاه السوق الصينية، رغم التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، والتحديات المتمثلة في تهديدات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية جديدة على المنتجات المُصنَّعة خارج الولايات المتحدة.

خلال زيارة رسمية إلى الصين، التقى كوك بوزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصيني، لي ليتشنج، حيث دعت الوزارة، عبر بيان في حسابها الرسمي على منصة “وي تشات”، شركة أبل إلى تعزيز تعاونها مع الموردين المحليين، وتوسيع مساهمتها في تطوير سلسلة الإمداد المحلية، وأكد كوك التزام شركته بزيادة التعاون مع الصين، مشيرًا إلى أن السوق الصينية تُعتبر أكبر أسواق أبل خارج الولايات المتحدة، وأحد أهم مراكز التصنيع العالمية للشركة.

دعم أكاديمي وتعاون ثقافي

خلال الزيارة، أعلن كوك عن تبرع جديد لجامعة تسينجهوا، التي تُعتبر واحدة من أبرز الجامعات في الصين، مؤكدًا أن التعاون الأكاديمي جزء أساسي من رؤية الشركة طويلة الأمد في البلاد، كما نشر عبر حسابه على منصة “ويبو” صورًا من لقائه مع كاسينج لونج، صاحب شخصية “لابوبو” الشهيرة عالميًا، إلى جانب وانج نينج، مؤسس شركة الألعاب والمجسمات الصينية “بوب مارت”، وقدم لونج مجسّمًا يجسّد شخصية تيم كوك على هيئة دمية “لابوبو”، تحمل نسخة مصغرة من هاتف آيفون 17 برو باللون البرتقالي الكوني، وعقب كوك قائلًا: “لابوبو تمتلك الآن هاتفها الخاص من طراز آيفون 17 برو باللون البرتقالي الكوني”، فيما رسم لونج لوحة تُظهر لقاء لابوبو مع كوك، وشاركها عبر حسابه في إنستجرام.

كما زار كوك متجر أبل في ودونج بشنغهاي، حيث التقى بفريق ليليث جيمز، المطور للعبة الشهيرة AFK Journey، وحضر أيضًا موقع تصوير الفنانة وانج فيفي، أثناء تسجيل فيديو موسيقي باستخدام هاتف آيفون 17 برو، في إشارة إلى القدرات التقنية المتقدمة للكاميرا الجديدة، وتأتي الزيارة قبيل إطلاق هاتف iPhone Air في السوق الصينية، المقرر في 22 أكتوبر الجاري، مع فتح باب الطلبات المسبقة في 17 من الشهر ذاته.

ويُعتبر iPhone Air هو أول هاتف من أبل يُطرح في الصين دون فتحة بطاقة SIM، إذ يعتمد كليًا على تقنية eSIM، وذلك نظرًا لنحافته الفائقة التي لا تتجاوز 5.6 مليمترات.

تحديات التنويع الصناعي

على الرغم من الجهود التي تبذلها أبل لتنويع سلاسل الإمداد لديها، وتقليل الاعتماد على الصين من خلال توسيع عمليات التصنيع في الهند وفيتنام، لا يزال الجزء الأكبر من إنتاج أجهزة آيفون يتم داخل الأراضي الصينية، من خلال شركتي “فوكسكون تكنولوجي جروب” و”لكسشير بريسيجن إندستري”، وكانت الشركة قد أعلنت في وقت سابق عن plans لتوسيع نشاطها الصناعي في الولايات المتحدة، من خلال إضافة 20,000 وظيفة، واستثمار 500 مليار دولار في إنتاج خوادم الذكاء الاصطناعي، وكذلك إقامة خطوط إنتاج جديدة في فيتنام لتصنيع أجهزة منزلية ذكية، بينها روبوت منزلي ونسخة جديدة من HomePod مزودة بشاشة، بهدف تقليل الاعتماد على التصنيع في الصين.

ومع ذلك، تواجه مساعي التنويع هذه عقبات متزايدة، إذ أعادت “فوكسكون” خلال الصيف الماضي مئات المهندسين الصينيين من مصانعها في الهند إلى الصين، في خطوة وُصفت بأنها انتكاسة لتوسيع خطط أبل في قاعدة التصنيع في جنوب آسيا، كما أفادت تقارير لـ”بلومبرغ” أن مسؤولين في بكين شجعوا الجهات التنظيمية والحكومات المحلية على تقليل تصدير المعدات ونقل التكنولوجيا إلى الهند وجنوب شرق آسيا، في محاولة لإبطاء انتقال قدرات التصنيع من الصين إلى دول أخرى.

“علاقة معقدة”

تأتي زيارة كوك في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، بينما تسعى واشنطن إلى تشجيع الشركات الأميركية على إعادة التصنيع إلى الداخل، ضمن استراتيجية “صُنِع في أميركا”، تحاول بكين بدورها الحفاظ على موقعها كمركز صناعي رئيسي في سلاسل الإنتاج العالمية، في المقابل، تحرص أبل على موازنة علاقاتها التجارية بين الجانبين، إذ تعتمد الصين ليس فقط كمركز إنتاج ضخم، بل أيضًا كسوق استهلاكية محورية تمثّل أحد أكبر مصادر إيراداتها خارج الولايات المتحدة، ويرى محللون أن استمرار كوك في زيارة الصين وتوقيع اتفاقات تعاون يعكس استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على استقرار سلاسل التوريد وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي.